البحث عن نفوذ دولي.. هل تصعد “عقيدة شي” المواجهة بين الصين وأميركا؟

حين حطت طائرة الرئيس الصيني، شي جين بينغ، في السعودية، وحظي باستقبال ملفت من ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، في ديسمبر الماضي، بدا واضحا أن بكين ترسل إشارات لواشنطن، عن دور جديد يطمح إليه شي الذي فاز، الجمعة، بولاية رئاسية ثالثة.
الزعيم الصيني، البالغ من العمر 69 عاما، يعلم تماما أهمية الدور السعودي في الشرق الأوسط الملتهب، وأهمية المملكة بالنسبة للولايات المتحدة، التي تعتبرها شريكا استراتيجيا في الحرب على الإرهاب، ودعامة استقرار للمنطقة.
ويبدو أن الرئيس الصيني بدأ فعليا في التحرك على الساحة الدولية بشكل مختلف يترجم ما يعرف بـ”عقيدة شي”، إذ استهل ولايته الثالثة بتتويج اتفاق يعيد العلاقات بين الرياض وطهران، بعد سنوات من القطيعة بين العدوين اللدودين.
وفي أهم الاجتماعات السياسية السنوية التي عقدت، الاثنين، في الصين، كشف شي عن توجه لمواجهة علنية مع الولايات المتحدة على الساحة الدولية، تحت ذريعة ما تروج له بكين من “ضرورة إصلاح النظام الدولي”.
وحين خطب شي، بعد أن أعلن فوزه بولاية ثالثة بإجماع الحزب الشيوعي، قال إن الصين “لا يمكن أن تتطور من دون العالم”، وأن العالم “بحاجة إلى الصين”.
ماذا يريد شي؟
يقول تحليل نشره موقع بلومبرغ إن الرئيس الصيني يرسم صورته كـ “رجل دولة عالمي”. وبعد ساعات من حصوله على فترة رئاسية ثالثة، رعت حكومته توقيع اتفاق تاريخي بين السعودية وإيران لاستعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
وسرعان ما عزا قادة الدبلوماسية الصينية نجاح أربعة أيام من المحادثات السرية في إحياء العلاقات الدبلوماسية بين الخصمين الرئيسيين إلى قيادة شي، قائلين إنها تظهر “تأثير قوة عظمى”.
ويقول موقع بلومبرغ إنه على الرغم من عدم وضوح تفاصيل الدور الذين لعبته بكين في هذا الاتفاق، فإنه يقدم دعما لمحاولات شي التوسط بين روسيا وأوكرانيا للوصول إلى اتفاق سلام ينهي الحرب التي أنهكت موسكو، ودمرت البنية التحتية في أوكرانيا.
لكن رغم أنه ليس من السهل اقناع الغرب الداعم لكييف بدور صيني حقيقي في التوسط لإنهاء الحرب الروسية على أوكرانيا، إلا أن شي قد يلتقي بالرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في موسكو، وقد يجري أول اتصال له مع الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي.
لكن الطموح الصيني للقيام بدور فعال عالميا، وخاصة في التوسط لإنهاء الحرب الروسية في أوكرانيا، يتطلب تفاهما قويا وواضحا مع الولايات المتحدة، وهو ما يشكل تحديا حقيقيا أمام طموح شي، خاصة أن الملفات العالقة بين واشنطن وبكين معقدة، ولن يتوقع الرئيس الصيني الحصول تنازلات أميركية، خاصة في ما يتعلق بملف تايوان، لأن شي يروج نفسه كقائد لدور صيني ينافس أميركا على زعامة العالم.
وكانت الصين كشفت الشهر الماضي عن خطة من 12 نقطة لإنهاء الحرب في أوكرانيا، وهي وثيقة رفضتها معظم الحكومات الغربية، لكن زيلينسكي قال إنه مستعد للقاء شي لمناقشة الأمور بشكل أكبر.
الموقف الأميركي
ورغم أن واشنطن رحبت بالاتفاق السعودي الإيراني، إلا أن سياسييها لا يرون في ذلك دليلا على قدرة الصين في تبوء مكانة دولية تمكنها من قيادة مبادرات عالمية. فقد قال مسؤولون أميركوين إن ما جرى يرتبط بمصلحة الصين الاقتصادية، ولا يترجم إلى تحالفات دولية طويلة الأمد. وأي شيء يساعد على تهدئة المنطقة هو في مصلحة أميركا.
يشير هذا الموقف “اللامبالي”، بوصف مجلة بوليتكو، إلى أن الإدارة الأميركية حريصة على تجنب المخاوف من أن الصين تعمل على تآكل النفوذ الأميركي العالمي، في وقت تسعى فيه إدارة بايدن إلى تعزيز العلاقة مع الشركاء والحلفاء لمواجهة ما يسميه وزير الخارجية أنتوني بلينكين تهديد بكين لقواعد النظام الدولي.
ويؤكد مسؤولون أميركيون أن الاتفاق السعودي الإيراني الذي رعته بكين، لا يعني تراجع دور واشنطن في الشرق الأوسط، بل إن الولايات لمتحدة لا تزال منخرطة بشكل فعال في المنطقة.
ويشير المسوؤلون تحديدا إلى التدريبات العسكرية الأخيرة، وزيارات الدبلوماسيين الأميركيين للمنطقة، ومكالمة الرئيس بايدن مع سلطان عمان، في وقت سابق من هذا الشهر.
وبالنظر إلى الخطاب المتزايد حول الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والصين، فمن المهم الإشارة إلى أن لكل من واشنطن وبكين مصلحة في شرق أوسط مستقر، لأسباب ليس أقلها مركزية المنطقة في احتياجات الطاقة العالمية. كما أن للولايات المتحدة مصلحة أمنية أكثر، في حين أن للصين مصلحة اقتصادية أكثر.
إشكالية العلاقة مع واشنطن
يحاول الرئيس الصيني تحدي الولايات في ساحة المجتمع الدولي، وأن يقدم بكين كلاعب منافس لواشنطن. لكن شي يعي أن أي دور للتوسط في الحرب الروسية على أوكرانيا، لن ينجح من دون المرور عبر المكتب البيضاوي، حيث يجلس الرئيس الأميركي، جو بايدن.
وسيكون على الرئيس الصيني أن يتحدث مرة أخرى مع بايدن، في محاولة لوضع العلاقات بين الولايات المتحدة والصين على أسس أكثر استقرارا.
في نوفمبر الماضي، وبعد سنوات من العزلة بسبب وباء كورونا، تمكن الرئيس الصيني من لقاء أكثر من 10 زعماء لأكبر اقتصادات العالم في قمم مختلفة في جنوب شرق آسيا.
وخلال اجتماعه مع بايدن في منتجع جزيرة بالي الإندونيسية، قدم شي نفسه على أنه “رجل دولة”، يجب أن “يفكر ويعرف كيف يتعامل مع البلدان الأخرى والعالم الأوسع”.
وتوقع العالم أن مرحلة ما بعد اجتماع بالي سيشهد تقاربا أميركا صينيا في مختلف القضايا السياسية والاقتصادية، لكن هذا لم يحصل، بل ساءت الأمور أكثر من المتوقع.
ففي فبراير الماضي، رصدت الولايات المتحدة بالون تجسس صينيا في أجوائها، ما دفع بايدن لإصدار أمر بإسقاطه. وتبادلت واشنطن وبكين تصريحات متشنجة حول هذا الحادث، إذ اعتبرت الإدارة الأميركية أن الصين تنتهك السيادة الأميركية، وتحاول التجسس على مواقع حساسة، في حين اعترضت الصين على إسقاط البالون الذي قالت إنه أطلق لأغراض علمية وخرج عن السيطرة ليدخل أجواء أميركا.
لم تقف الأمور عند هذا الحد، بل ما زاد الطين بلة، أن الولايات المتحدة عززت جهودها لمنع الشركات الصينية من الحصول على التكنولوجيا المتقدمة، وحذرت مرارا من أن بكين تدرس تزويد روسيا بالأسلحة التي يمكن أن تستخدم ضد أوكرانيا، وهو ما اعتبرته واشنطن تورطا صينيا مباشرا في الغزو. وهذا سيقوض جهود بكين لتصوير نفسها على أنها جهة فاعلة ومحايدة ويمكنها التوسط في السلام في القضايا الدولية.
معركة على النظام الدولي
تحمل الصين رؤية مختلفة للنظام العالمي، تقوم على أساس عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، خاصة ملفات حقوق الإنسان، وهي رؤية تعارض الفلسفة الأميركية للنظام العالمي الذي يجب أن يراعي حقوق الإنسان كأساس للعلاقات بين الدول.
ويقول، يون صن، مدير برنامج الصين في مركز ستيمسون، وهو معهد أبحاث في واشنطن، لصحيفة نيويورك تايمز، إن ما يجري الآن هو “معركة على مستقبل النظام الدولي”. مبينا أن الصين تقول إن العالم “في حالة من الفوضى لأن القيادة الأميركية فشلت”.
ومن خلال الاتفاق السعودي الإيراني، يقدم شي القيادة الصينية كبديل للنظام الذي تقوده واشنطن، إذ تروج بكين أن واشنطن “تقود العالم نحو حرب باردة جديدة”.
ويقول تقرير صحيفة نيويورك تايمز إن الرؤية التي وضعها شي هي تلك التي تنتزع السلطة من واشنطن لصالح التعددية، وما يسمى بعدم التدخل، وهي كلمة تستخدمها الصين للقول إنه لا ينبغي للدول أن تتدخل في الشؤون الداخلية لبعضها البعض، من خلال انتقاد انتهاكات حقوق الإنسان.
ولا شك أن الاتفاق السعودي الإيراني يعكس هذه الرؤية الصينية. ويكشف عن تبدل كبير في دور الصين في المنطقة الذي كان متجذرا في تقديم المنافع الاقتصادية المتبادلة، بغض النظر عن انتهاكات حقوق الإنسان، والابتعاد عن المثل الغربية لليبرالية، التي ترى بكين أنها عقّدت قدرة واشنطن على توسيع وجودها ونفوذها في منطقة الخليج.
نبرة الخطاب الصيني تجاه واشنطن
وفي الآونة الأخيرة، يبدو أن بكين اتخذت نهجا مختلفا في نبرة الخطاب تجاه واشنطن، فعلى الرغم من تدهور العلاقات الثنائية، عادة ما يتجنب الزعيم الصيني مهاجمة الولايات المتحدة بشكل مباشر، ويشير بشكل عام فقط إلى “الدول الغربية” أو “بعض الدول المتقدمة” بدلا من ذلك، وفق سي أن أن.
لكن عندما انتقد شي الولايات المتحدة أمام مجموعة من المستشارين الحكوميين يمثلون الشركات الخاصة، الأسبوع الماضي، أطلقت تصريحاته الحادة جرس إنذار للعلاقات المشحونة بالفعل بين الولايات المتحدة والصين.
وقال شي: “لقد احتوتنا الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة، وقمعتنا بطريقة شاملة، الأمر الذي جلب تحديات خطيرة غير مسبوقة لتنميتنا”، حسب زعمه.
وتشير انتقادات شي المباشرة بشكل غير عادي إلى تصعيد ملحوظ في بكين ضد واشنطن. وما يعزز ذلك أيضا، تصريحات وزير الخارجية الصيني الجديد، تشين جانج، التي حذر فيها من أنه إذا لم تتوقف الولايات المتحدة عن احتواء وقمع الصين، فمن المؤكد أن القوتين العظميين ستندفعان نحو “الصراع والمواجهة”.
وفي علامة أخرى على الموقف الصيني المتشدد، عينت بكين الجنرال لي شانغفو، وزيرا للدفاع. وهو شخصية كانت إدارة الرئيس السابق، دونالد ترامب، قد فرضت عليه عقوبات عام 2018، لدوره في شراء أسلحة روسية، بما في ذلك طائرة مقاتلة من طراز Su-35 ونظام صواريخ أرض-جو أس -400.
عقيدة شي
منذ قدومه إلى السلطة، ركز الرئيس الصيني في كتاباته، وأفكاره على الترويج لعقيدته القائمة على أساس استعادة ما يعتبره “ثروة وقوة” الصين دوليا، حتى وإن شكل ذلك تحديا للغرب الذي يسيطر في العصر الحديث على الساحة الدولية.
وفي دراسة بعنوان “عقيدة شي جين بينغ للعلاقات الدولية للصين”، نشرتها مجلة سياسات آسيا عام 2019، حلل الباحث، فنغ تشانغ، تفكير الصين بشأن العلاقات الدولية من منظور عقيدة شي، آخذا بعين الاعتبار الآثار المترتبة على مشاركة الصين في النظام الدولي.
وتوصل تشانغ إلى أن عقيدة شي التي تشكل الفكر المتجسد في ملاحظاته وكتاباته وتعليماته، تعد مدخلا لتفكير الصين العميق حول العلاقات الدولية في المستقبل.
وبين أن شي والحزب الشيوعي الصيني اعتمدا على ثلاثة أطر معرفية أعمق بشأن دور بكين عالميا. أولها، ما يعرف بـ “التجديد الوطني” الذي يركز على استعادة “ثروة الصين وقوتها”. وأن الإطاران الثاني والثالث هما “المجتمع العالمي” و”المساهمة الصينية”، ويهدفان إلى تعزيز المصالح المشتركة، والمساهمة في الحوكمة العالمية، على التوالي.
وهكذا فإن عقيدة شي، بحسب الدراسة، تلقي بظلالها على تحديات العلاقات الخارجية للصين في القرن الحادي والعشرين، خاصة في ظل الدور الأميركي المسيطر على العلاقات الدولية.
وتشير الدراسة إلى أن الإطار المرجعي لما يعرف بـ “التجديد الوطني” ، والهادف إلى السعي إلى استعادة مكانة الصين الدولية، يتصادم مع الهيمنة الراسخة للغرب منذ فجر العصر الحديث. وهو ما قد يخلق توترا دوليا.
وثيقة من 36000 كلمة
بالعودة إلى الوراء قليلا، وتحديدا في نوفمبر 2021، أصدر الحزب الشيوعي الصيني علنا وثيقة طويلة مكونة من 36000 كلمة، مهدت الطريق للرئيس شي ليكون قادرا على تحقيق حلمه بحكم الصين مدى الحياة، وهو الهدف الأكبر بالنسبة للرجل الذي يسيطر على البلاد.
نشر الحزب الشيوعي الصيني النص، وهو قرار تاريخي أقره كبار المسؤولين في الجلسة العامة السادسة شديدة السرية للجنة المركزية التي عقدت آنذاك في بكين.
كانت الوثيقة عبارة عن مشروع قرار بشأن الإنجازات الرئيسية والتجربة التاريخية لمساعي الحزب الشيعي الصيني خلال 100 عام. وكانت أول إعلان رسمي عن التاريخ الصيني منذ أربعة عقود، شي نفسه سلم الوثيقة للحزب معتبرا أنها تمثل استراتيجيته لترسيخ الصين كقوة عالمية رائدة.
في تاريخ الصين، لم يكن هناك سوى شخصين آخرين قاما بكتابة وثائق تاريخية، هما ماو تسي تونغ، ودنغ شياو بينغ، واستمر كلاهما في الحكم بقية حياتهما، وهو مؤشر على أن شي يحذو حذوهما في الظفر بالسلطة مدى حياته.
كانت تلك اللحظة، أقوى إشارة يقدمها شي بأنه يطمح لفترة ولايته ثالثة، وهو ما حدث بالفعل، الجمعة، أي بعد نحو عام ونصف العام من إصدار الوثيقة.
ومنذ نشر وثيقة الـ 36000 كلمة، كرر الرئيس الصيني في أكثر من مناسبة مصطلح “إصلاح وبناء نظام الحوكمة العالمي”، وأعاد التأكيد على ذلك بعد الاتفاق السعودي الإيراني لإعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
وفي خطاب ألقاه، الاثنين، أمام الهيئة التشريعية في الصين، دعا شي إلى تغييرات في نظام صندوق النقد الدولي، وكيانات دولية أخرى، قال إنها لا تعكس رغبات الدول النامية.
وقال شي إنه يتعين على الصين “المشاركة بنشاط في إصلاح وبناء نظام الحوكمة العالمي” وتعزيز “مبادرات الأمن العالمي”، وأكد أن ذلك سيضيف “طاقة إيجابية للسلام والتنمية في العالم”، حسب زعمه.
الرد الأميركي
تعتبر الولايات المتحدة الصين منافسها الرئيسي، وتسعى لثنيها عن القيام بأعمال عسكرية لا سيما في ما يتعلق بجزيرة تايوان، التي تطالب بها بكين، وتعتبرها جزءا من أراضيها.
وبحسب مسؤولين أميركيين، فإن الصين تريد أن يكون جيشها مستعدا للاستيلاء على تايوان، بالقوة إذا لزم الأمر، بحلول 2027.
ولمحاصرة خطط الصين، أعلنت الولايات المتحدة وأستراليا والمملكة المتحدة شراكة تاريخية لبرنامج الغواصات العاملة بالدفع النووي، وهي خطوة مهمة في مواجهة طموحات الصين العسكرية.
وقد أثارت الشراكة قلق بكين التي نددت ببرنامج التعاون محذرة من سلوك هذه الدول “طريقا خاطئا وخطرا”.
ويقول، راين هاس، وهو زميل أول في السياسة الخارجية بمركز دراسات سياسة شرق آسيا، الزميل غير المقيم في مركز بول تساي الصيني في كلية الحقوق بجامعة ييل، إن الصين واحدة من العديد من التحديات الملحة التي تواجه إدارة بايدن عام 2023.
ويضيف، في تحليل نشره معهد بروكنغز، إن البيت الأبيض يتعامل الآن مع تحديات لا تعد ولا تحصى، مثل الوباء، والهجرة الجماعية، والركود العالمي، والاحتباس الحراري، والحرب على أوكرانيا، ونقص الغذاء والطاقة، وتطلعات كوريا الشمالية وإيران النووية. لكن إدارة بايدن ستكون في وضع أقوى لإدارة تلك التحديات.
ويؤكد هاس أن الصين تقع ضمن تلك المجموعة من التحديات العالمية التي يجب أن تتصدى لها إدارة بايدن. مشددا على أن هذا الكم الهائل من المشكلات العالمية لا يعني منح الصين فرصة، أو التنازل عن القضايا الحساسة مثل تايوان أو التكنولوجيا أو حقوق الإنسان.
ويؤكد أنه يجب أن تظل واشنطن ثابتة في الدفاع عن المصالح الأميركية والقيم التي تشاركها مع أقرب شركائها.
ويوضح هاس أنه وفي نهاية المطاف، ستدخل الولايات المتحدة والصين في منافسة طويلة الأمد لتحديد نموذج الحوكمة الذي يمكنه حل المشكلات العالمية بشكل أفضل وتحسين حياة البشر.
ويشير إلى أن أميركا ستكون الأقوى عندما تقوم بتحسين وضعها في الداخل، وتحشد الجهود العالمية لمواجهة التحديات المشتركة، وهو نهج يختلف عن الصين التي تبحث عن المواجهة بغض النظر عن التبعات على العالم.
مخاظر بحاجة لتفاهم أميركي صيني
يعتقد هاس أنه من الأفضل لأميركا والصين اتخاذ خطوات عملية لتقليل المخاطر العالمية بدلا من النهج الذي تتبعه بكين في المواجهة والتنافس.
ويقترح أن يشمل ذلك التوصل إلى اتفاق حول حدود استخدامات التقنيات الجديدة والناشئة في المناطق التي يكون فيها كلا الجانبين عرضة للخطر، ولا توجد فيها قواعد في الوقت الحالي.
وقدم هاس مثلا بالقول إن من مصلحة واشنطن وبكين الاتفاق على وضع قيود على استخدامات أنظمة الأسلحة ذاتية التشغيل. كما يمكن للجانبين الاتفاق على أن البشر يجب أن يكونوا مسؤولين عن جميع القرارات المتعلقة بالسلاح النووي.
كما أن كلا البلدين عرضة للأوبئة في المستقبل، ولديهما مصلحة ذاتية مشتركة في إنشاء شبكة عالمية لمراقبة الأمراض للكشف عن تفشي الفيروسات في المستقبل قبل انتشارها.
ويرى هاس أن هناك منطقا مماثلا ينطبق على ملف تغير المناخ، إذ يلعب الميثان دورا رئيسيا في ارتفاع درجات الحرارة. كما ستستفيد واشنطن وبكين من تجميع القدرات لتطوير البحث في تحديات وحلول الحد من انبعاثات الميثان.
ويعتقد هاس أن هناك مجالات حرجة دوليا يجب أن تفرض فيها المصلحة الذاتية المتبادلة أهدافا مشتركة، مثل الحد من القدرات النووية الإيرانية، وضمان تدفق الطاقة من دون عوائق، وزيادة الأمن الغذائي، ومكافحة تلوث المحيطات، والتنسيق بشأن أزمة الديون في العالم النامي.
ويؤكد أن النقطة الأهم هي أن هناك قائمة من القضايا حيث يمكن للجانبين اتخاذ إجراءات موازية أو منسقة بشأنها خدمة للمصلحة المشتركة بدلا من توتير الأجواء الدولية بالمنافسة وتعريض العالم للخطر.